Sunday, December 17, 2006

المعتزلة * الهندوسية * الوجودية * الوضعية المنطقية * البنيوية * التفكيكية

المعتزلة * الهندوسية * الوجودية * الوضعية المنطقية * البنيوية * التفكيكية

المعتزلة
فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي ، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة . وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها : المعتزلة والقدرية والعدلية وأهل العدل والتوحيد والمقصد والوعيدية .

التأسيس وأبرز الشخصيات :
اختلفت رؤية العلماء في ظهور الاعتزال ، واتجهت هذه الرؤية وجهين :
- الوجهة الأولى : أن الاعتزال حصل نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة ، والحديث في القدر ، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر ، ومن رأي أصحاب هذا الاتجاه أن اسم المعتزلة أطلق عليهم لعدة أسباب :
1- أنهم اعتزلوا المسلمين بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين .
2- أنهم عرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري وشكل حقله خاصة به لقوله بالمنزلة بين المنزلتين فقال الحسن : "اعتزلنا واصل " .
3- أو أنهم قالوا بوجوب اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته .
- والوجهة الثانية : أن الاعتزال نشأ بسبب سياسي حيث أن المعتزلة من شيعة علي رضي الله عنه اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية ، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين .
أما القاضي عبد الجبار الهمذاني - مؤرخ المعتزلة - فيزعم أن الاعتزال ليس مذهباً جديداً أو فرقة طارئة أو طائفة أو أمراً مستحدثاً ، وإنما هو استمرار لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وقد لحقهم هذا الاسم بسبب اعتزالهم الشر لقوله تعالى : (( وأعتزلكم وما تدعون )) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من أعتزل الشر سقط في الخير ) .

والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية لما سنرى في فقرة ( الجذور الفكرية والعقائدية ) .

قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء ، كان هناك جدل فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي وهذه المقولات نوجزها مع أصحابها بما يلي :
- مقولة أن الإنسان حر مختار بشكل مطلق ، وهو الذي يخلق أفعاله بنفسه قالها : معبد الجهني ، الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث .. وقد قتله الحجاج عام 80م بعد فشل الحركة .
-وكذلك قالها غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك .
-ومقولة خلق القرآن ونفي الصفات ، قالها الجهم بن صفوان ، وقد قتله سالم بن أحوز في مرو عام 128م .

-وممن قال بنفي الصفات أيضاً : الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة .
ثم برزت المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الغزال ( 80هـ - 131هـ ) الذي كان تلميذاً للحسن البصري ، ثم اعتزل حلقة الحسن بعد قوله بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين ( أي ليس مؤمنا ولا كافراً ) وأنه مخلد في النار إذا لم يتب قبل الموت ، وقد عاش في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك ،
والفرقة المعتزلية التي تنسب إليه تسمى : الواصيلة .
ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد وتقصيهم لمسائل جزئية فقد انقسموا إلى طوائف مع اتفاقهم على المبادئ الرئيسية الخمسة - التي سنذكرها لاحقاً - وكل طائفة من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميزها عن الطائفة الأخرى .. وسمت نفسها باسم صاحبها الذي أخذت عنه .
وفي العهد العباسي برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وهو أحد رؤوس بدعة الاعتزال في عصره ورأس فتنة خلق القرآن ، وكان قاضياً للقضاة في عهد المعتصم .

- في فتنة خلق القرآن امتحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة ، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .
- لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ انتصر لأهل السنة وأكرم الإمام أحمد وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاماً .

في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس - وكانت دولة شيعية - توطدت العلاقة بين الشيعة والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي ، وهو من الروافض المعتزلة ، يقول فيه الذهبي : " وكان شيعياً معتزلياً مبتدعاً " ويقول المقريزي : " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر " . وممن برز في هذا العهد : الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي : " وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام ولاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ".
بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .
عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر ، على يد بعض الكتاب والمفكرين ، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة وهذا ما سنبسطه عند الحديث عن فكر الاعتزال الحديث .

ومن أبرز مفكري المعتزلة منذ تأسيسها على يد واصل بن عطاء وحتى اندثارها وتحللها في المذاهب الأخرى كالشيعة والأشعرية والماتريدية ما يلي :
- أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف ( 135 -226 هـ ) مولى عبد القيس وشيخ المعتزلة والمناظر عنها. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء ، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلطه بكلام المعتزلة ، فقد تأثر بأرسطو وأنبادقليس من فلاسفة اليونان ، وقال بأن " الله عالم بعلم وعلمه ذاته ، وقادر بقدرة وقدرته ذاته … " انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص 76 . وتسمى طائفة الهذيلية .

- إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام ( توفي سنة 231هـ ) وكان في الأصل على دين البراهمة وقد تأثر أيضاً بالفلسفة اليونانية مثل بقية المعتزلة .. وقال : بأن المتولدات من أفعال الله تعالى ، وتسمى طائفة النظامية .
- بشر بن المعتمر ( توفي سنة 226 هـ ) وهو من علماء المعتزلة ، وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه فقال : إن كل المتولدات من فعل الإنسان فهو يصح أن يفعل الألوان والطعوم والرؤية والروائح وتسمى طائفة البشرية .
- معمر بن عباد السلمي ( توفي سنة 220 هـ ) وهو من أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر خيره وشره من الله وتسمى طائفته : المعمرية .

- عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار ( توفي سنة 226هـ ) وكان يقال له : راهب المعتزلة ، وقد عرف عنه التوسع في التكفير حتى كفر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة ، وتسمى طائفته المردارية .
- ثمامة بن أشرس النميري ( توفي سنة 213هـ ) ، كان جامعاً بين قلة الدين وخلاعة النفس ، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة . وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين . وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال ، وتسمى طائفته الثمامية .

- عمرو بن بحر : أبو عثمان الجاحظ ( توفي سنة 256هـ ) وهو من كبار كتاب المعتزلة ، ومن المطلعين على كتب الفلاسفة ، ونظراً لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدس أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم مثل ، البيان والتبيين ، وتسمى فرقته الجاحظية .
- أبو الحسين بن أبي عمر الخياط ( توفي سنة 300هـ ) من معتزلة بغداد و بدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم ، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم ، وهو تصريح بقدم العالم ، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة وتسمى فرقته الخياطية .
- القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني ( توفي سنة 414هـ ) فهو من متأخري المعتزلة ، قاضي قضاة الري وأعمالها ، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره ، وقد أرخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية .

المبادئ ولأفكار :
جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعين :

- الأولى : القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل ، فهو يخلق أفعاله بنفسه ، ولذلك كان التكليف ، ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي ، الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز . حتى عهد هشام بن عبد الملك ، فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك .
- الثانية : القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً ولا كافراً ولكنه فاسق فهو بمنزلة بين المنزلتين ، هذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد في النار ، ولا مانع عندهم من تسميته مسلماً باعتباره يظهر الإسلام وينطق بالشهادتين ولكنه لا يسمى مؤمناً .

ثم حرر المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول :
1- التوحيد .
2- العدل .
3- الوعد والوعيد .
4- المنزلة بين المنزلتين .
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

1- التوحيد : وخلاصته برأيهم ، هو أن الله تعالى منزه عن الشبيه والمماثل ( ليس كمثله شيء ) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء مما يجري على الناس . وهذا حق ولكنهم بنوا عليه أحد نتائج باطلة منها : استحالة رؤية الله تعالى لاقتضاء ذلك نفي الصفات ، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات ، وإلا تعدد القدماء في نظرهم ، لذلك يعدون من نفاة الصفات وبنوا على ذلك أيضاَ أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام .

2- العدل : ومعناه برأيهم أن الله لا يخلق أفعال العباد ، ولا يحب الفساد ، بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركبها فيهم وأنه لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره ، وأنه ولي كل حسنة أمر بها ، بريء من كل سيئة نهى عنها ، لم يكلفهم ما لا يطيقون ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه . وذلك لخلطهم بين إرادة الله تعالى الكونية وإرادته الشرعية .

3- الوعد والوعيد : ويعني أن يجازي الله المحسن إحساناً ويجازي المسيء سوءاً ، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة إلا أن يتوب .

4- المنزلة بين المنزلتين : وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر فليس بمؤمن ولا كافر . وقد قرر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة .

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : فقد قرروا وجوب ذلك على المؤمنين نشراً لدعوة الإسلام وهداية للضالين وإرشاد للغاوين كل بما يستطيع : فذو البيان ببيانه ، والعالم بعلمه ، وذو السيف بسيفه وهكذا . ومن حقيقة هذا الأصل أنهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق .

ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل كلياً في الاستدلال لعقائدهم وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد ، أنهم كانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً فقالوا كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني : " المعارف كلها معقولة بالفعل ، واجبة بنظر العقل ، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع أي قبل إرسال الرسل ، والحسن والقبيح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح " .
- ولاعتمادهم على العقل أيضاً أولوا الصفات بما يلائم عقولهم الكلية ، كصفات الاستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضا والغضب والسخط ومن المعلوم أن المعتزلة تنفي كل الصفات لا أكثرها .

- ولاعتمادهم على العقل أيضاً ، طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب ، فقد زعم واصل بن عطاء : أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة ، إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير ، وردوا شهادة هؤلاء الصحابة فقالوا : لا تقبل شهادتهم .
- وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط كما نوهنا -
- وإعراضهم عن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة ، ورفضهم الأتباع بدون بحث واستقصاء وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك :
" كل مكلف مطالب بما يؤديه إليه اجتهاده في أصول الدين " ، فيكفي وفق مذهبهم أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألة ليكون هذا التلميذ صاحب فرقة قائمة ، وما هذه الفرق التي عددناها آنفاً إلا نتيجة اختلاف تلاميذ مع شيوخهم ، فأبو الهذيل العلاف له فرقة ، خالفه تلميذه النظام فكانت له فرقة ، فخالفه تلميذه الجاحظ فكانت له فرقة ، والجبائي له فرقة ، فخالفه ابنه أبو هشام عبد السلام فكانت له فرقة أيضاَ وهكذا .

- وهكذا نجد أن المعتزلة قد حولوا الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية ، وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية عامة وبالمنطق الصوري الأوسطي خاصة .
وقد فند علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم ، فمنهم أبو الحسن الأشعري الذي كان منهم أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزم وشجاعة نادرتين .
- ومن الردود قوية الحجة ، بارعة الأسلوب ، رد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عليهم في كتابه القيم : درء تعارض العقل والنقل فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة ورد عليها رداً مفحماً .. وبين أن صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل .

وقد ذكر في هذا الحديث أكثر من مرة أن المعتزلة اعتمدوا على العقل في تعاملهم مع نصوص الموحي ، وقد يتوهم أحد أن الإسلام ضد العقل ويسعى للحجر عليه . ولكن هذا يرده دعوة الإسلام إلى التفكر في خلق السماوات والأرض والتركيز على استعمال العقل في اكتشاف الخير والشر وغير ذلك مما هو معروف ومشهور مما دعى العقاد - رحمه الله - إلى أن يؤلف كتاباً بعنوان : التفكر فريضة إسلامية ، ولهذا فإن من انحرافات المعتزلة هو استعمالهم العقل في غير مجاله : في أمور غيبية مما تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتها محاكمة عقلية صحيحة ، كما أنهم بنوا عدداً من القضايا على مقدمات معينة فكانت النتائج ليست صحيحة على إطلاقها وهو أمر لا يسلم به دائماً حتى لو اتبعت نفس الأساليب التي استعملوها في الاستنباط والنظر العقلي : مثل نفيهم الصفات عن الله اعتماداً على قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) . وكان الصحيح أن لا تنفى عنه الصفات التي أثبتها لنفسه سبحانه وتعالى ولكن تفهم الآية على أن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين :

وقد حدد العلماء مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها :
- أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة .
- أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها.
- أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها " وهي ما يعرف بالأمور التوقيفية ".
ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يعدمه على النصوص الشرعية الصحيحة . خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور
ومن المعروف أن مصدر المعرفة في الفكر الإسلامي يتكون من .
1- الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات .
2- العقل وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات .
3- الوحي من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية ، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس ، وما أعده الله في الدار الآخرة ، وما أرسل من الرسل الخ …
وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء .

الجذور الفكرية والعقائدية :
هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي.
وقيل : إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية - وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ - قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات .
إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد مورداً من موارد الفكر الاعتزالي ، إذ أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية حرية الإرادة الإنسانية .

- ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي ، قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني .
- تأثر المعتزلة بفلاسفة اليونان في موضوع الذات والصفات ، فمن ذلك قول أنبادوقليدس الفيلسوف اليوناني : " إن الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة ، والقدرة والعدل والخير والحق ، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء بل هي هو ، وهو هذه كلها " انظر ا لملل والنحل ج 2 / ص58.
وكذلك قول أرسطو طاليس في بعض كتبه " إن الباري علم كله قدره كله ، حياة كله ، بصر كله " .
فاخذ العلاف وهو من شيوخ المعتزلة هذه الأفكار وقال : إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته قادر بقدره وقدرته ذاته ، حي بحياة وحياة ذاته .

- وأخذ النظام من ملاحدة الفلاسفة قوله بإبطال الجزء الذي لا يتجرأ بنى عليه قوله بالطفرة ، أي أن الجسم يمكن أن يكون في مكان ( أ ) ثم يصبح في مكان ( ج ) دون أن يمر في ( ب ) .
وهذا من عجائبه حتى قيل : إن من عجائب الدنيا : " طفرة النظام وكسب الأشعري " .
- وإن أحمد بن خابط والفضل الحدثي وهما من أصحاب النظام قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النصراني مع الفكر الهندي وقالا بما يلي :
1- إن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة .
2- إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة .
3- القول بالتناسخ .
4- حملا كل ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول هو أول مبتدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات .

يؤكد العلماء تأثير الفلسفة اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ وهو من مصنفي المعتزلة ومفكريهم فقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم - حتى إنه خلط وروج كثيراً من مقالاتهم بعبارته البليغة .
- ومنهم من يرجع فكر المعتزلة إلى الجذور الفكرية والعقدية في العراق - حيث نشأ المعتزلة - الذي يسكنه عدة فرق تنتهي إلى طوائف مختلفة ، فبعضهم ينتهي إلى الكلدان وبعضهم إلى الفرس وبعضهم نصارى وبعضهم يهود وبعضهم مجوس . وقد دخل هؤلاء في الإسلام وبعضهم قد فهمه على ضوء معلوماته القديمة وخلفيته الثقافية والدينية .

الفكر الاعتزالي الحديث :
يحاول بعض الكتاب والمفكرون في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد بعد أن عفا عليه الزمن أو كاد .. فألبسوه ثوباً جديداً ، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل … العقلانية أو التنوير أو التجديد أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي ..

- وقد قوى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي ، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل الإنساني .. فلجأوا إلى التأويل كما لجأت المعتزلة من قبل ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم ، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات المادية .. وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل .. إلا من هذا القبيل .

وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة ، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية ، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر .
وأخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي .. محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسنة .. مثل عقوبة المرتد ، وفرضية الجهاد ، والحدود ، وغير ذلك .. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات ، والطلاق والإرث .. الخ .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله ..
وتحكيم العقل في هذه المواضيع . ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .
ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة و المرأة الجديدة ، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه : " أستاذ الجيل " وطه حسين الذي أسموه " عميد الأدب العربي " وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا . هذا في البلاد العربية .

أما في القارة الهندية فظهر السير أحمد خان ، الذي منح لقب سير من قبل الاستعمار البريطاني . وهو يرى أن القرآن الكريم لا السنة هو أساس التشريع وأحل الربا البسيط في المعاملات التجارية . ورفض عقوبة الرجم والحرابة ، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين ، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم .
- وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحل زواج المسلمة بالكتابي وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة .

- ومن هؤلاء أيضاً مفكرون علمانيون ، لم يعرف عنهم الالتزام بالإسلام .. مثل زكي نجيب محمود صاحب ( الوضعية المنطقية ) وهي من الفلسفة الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي .. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحييه ، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة ( انظر كتاب تجديد الفكر العربي ص 123 ) .

- ومن هؤلاء أحمد أمين صاحب المؤلفات التاريخية والأدبية مثل فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام ، فهو يتباكى على موت المعتزلة في التاريخ القديم وكأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم ، ويقول في كتابه : ضحى الإسلام : " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة " .

- ومن المعاصرين الأحياء الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية من ينادي بالمنهج العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة مثل الدكتور محمد فتحي عثمان في كتابه الفكر الإسلامي والتطور .. والدكتور حسن الترابي في دعوته إلى تجديد أصول الفقه حيث يقول : " إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد عقلي كبير ، وللعقل سبيل إلى ذلك لا يسع عاقل إنكاره ، والاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً في الفروع وحدها وإنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً " ( أنظر كتاب المعتزلة بين القديم والحديث ص 138 ) .

- وهناك كتاب كثيرون معاصرون ، ومفكرون إسلاميون يسيرون على المنهج نفسه ويدعون إلى أن يكون للعقل دور كبير في الاجتهاد وتطويره ، وتقويم الأحكام الشرعية ، وحتى الحوادث التاريخية .. ومن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة - صاحب النصيب الأكبر في إحياء تراث المعتزلة والدفاع عنه - خالد محمد خالد و محمد سليم العوا ، وغيرهم . ولا شك بأهمية الاجتهاد وتحكيم العقل في التعامل مع الشريعة الإسلامية ولكن ينبغي أن يكون ذلك في إطار نصوصها الثابتة وبدوافع ذاتية وليس نتيجة ضغوط أجنبية وتأثيرات خارجية لا تقف عند حد ، وإذا انجرف المسلمون في هذا الاتجاه - اتجاه ترويض الإسلام بمستجدات الحياة والتأثير الأجنبي بدلاً من ترويض كل ذلك لمنهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - فستصبح النتيجة أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من الشريعة إلا رسمها ويحصل للإسلام ما حصل للرسالات السابقة التي حرفت بسبب أتباع الأهواء والآراء حتى أصبحت لا تمت إلى أصولها بأي صلة .

ويتضح مما سبق :
أن حركة المعتزلة كانت نتيجة لتفاعل بعض المفكرين المسلمين في العصور الإسلامية مع الفلسفات السائدة في المجتمعات التي اتصل بها المسلمون . وكانت هذه الحركة نوع من ردة الفعل التي حاولت أن تعرض الإسلام وتصوغ مقولاته العقائدية والفكرية بنفس الأفكار والمناهج الوافدة وذلك دفاعاً ع الإسلام ضد ملاحدة تلك الحضارات بالأسلوب الذي يفهمونه . ولكن هذا التوجه قاد إلى مخالفات كثيرة وتجاوزات مرفوضة كما فعل المعتزلة في إنكار الصفات الإلهية تنزيها لله سبحانه عن مشابهة المخلوقين .


الهندوسية
ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند، وقد تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر، إنها ديانة تضم القيم الروحية والخلقية إلى جانب المبادئ القانونية والتنظيمية متخذة عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها فلكل منطقة إله ولكل عمل أو ظاهرة إله ولا يوجد للهندوسية مؤسس معين ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلف معين فقد تشكلت خلال مراحل طويلة ويقال إن الآريون الغزاة الذين قدموا الهند في القرن الخامس عشر قبل الميلاد هم المؤسسون الأوائل للديانة الهندوسية وتمازجت بالديانات القديمة
وتطورت الهندوسية في الثامن قبل الميلاد على أيدي الكهنة البراهمة الذين كانوا يزعمون بأن في طبائعهم عنصراً إلهياً، ويعتقد الهندوس أن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يعبد وهي آلهة كثيرة، وفي القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في آله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه: براهما: من حيث هو موجد، فشنو: من حيث هو حافظ، سيفا: من حيث هو مهلك، فمن عبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً فلا فرق ببينها، ويلتقي الهندوس على تقديس البقرة، ويعتقد الهندوس أن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان اسمه كرشنا قد التقى فيه الإله في الإنسان أو حل اللاهوت في الناسوت، ومنذ وصول الآريون إلى الهند شكلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن ولا طريق لإزالتها لأنهم يزعمون أنها تقسيمات أبدية الله هو الذي قسمها وهي على النحو التالي: 1 ـ البراهما: وهم الذين خلقهم الإله براهما من فمه ومنهم المعلم والكاهن والقاضي ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم،
2 ـ الكاشتر: وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه وهم الذين يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع، 3 ـ الويش: وهم الذين خلقهم الإله من فخذه وهم الذين يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال وينفقون على المعاهد الدينية، 4 ـ الشودر: وهم الذين خلقهم الإله من رجليه وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة المنبوذين وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاث السابقة الشريفة ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة، والجميع يخضع لهذا التقسيم الطبقي بدافع ديني ولا يجوز للرجل أن يتزوج امرأة من طبقة أعلى منه ويجوز من أدنى منه إلا طبقة الشودر فلا يجوز، والبراهمة هم صفوة الخلق وقد ألحقوا بالآلهة ولهم أن يأخذوا من عبيدهم( الشودر) ما يشاءون، وإن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه أما غيره فيقتل، والشودر المنبوذون أحط من البهائم ومن سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجراً وثواب وغير ذلك من القوانين المجحفة في حق طبقة الشودر
وقد حاول الزعيم الهندي( غاندي) تقليص الحدة بين الطبقات وبين المنبوذين ولكن محاولاته لم تنجح بل كان هو ذاته ضحية لهذه المحاولة، وقد ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم وإدخالهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية والشيوعية من خلال فكرة صراع الطبقات، ويعتقد الهندوسيون أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض وهذا العدل سيقع حتماً إما في هذه الحياة أو في حياة أخرى يحاسب فيها الإنسان ويجازى حسب عمله فيعيش حياة أخرى فهم يعتقدون بتناسخ الأرواح فالهندوسي عندما يموت يحرق جسده وذلك تخليصاً للروح من الجسد ولكي نسمح للروح بالانطلاق نحو الأعلى بشكل عمودي بسرعة كي تصل إلى الملكوت الأعلى، وعندما تتخلص الروح وتصعد يكون أمامها ثلاثة عوالم إما العالم الأعلى وهو عالم الملائكة وإما عالم الناس وهو مقر الآدميين بالحلول وإما عالم جهنم وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب
وقد رفضت الهندوسية حركة الإصلاح الداخلي المتمثلة في( البوذية والجينية) ورفضت كذلك حركة الإصلاح الخارجي المتمثلة بالإسلام. وكانت الديانة الهندوسية تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها ولكن البون الشاسع بين اعتقاد الهندوسيون والمسلمين فالهندوس يقدسون البقر والمسلمون يذبحونها ويأكلونها ونتيجة للاختلاف بينهما حدث تقسيم الهند وأعلن عن قيام باكستان بجزأيها الشرقي والغربي وأغلبها مسلمون.


الوجودية
تيار فلسفي يعلي من قيمة الإِنسان ويؤكد على تفرده، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه.
التأســيس وأبـــرز الشخصــيات:
- يرى رجال الفكر الغربي أن "سورين كير كجورد" (1813 - 1855م) هو مؤسس المدرسة الوجودية. من خلال كتابه: رهبة واضطراب.
- أشهر زعمائها المعاصرين: جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي المولود سنة 1905م وهو ملحد ويناصر الصهيونية له عدة كتب وروايات تمثل مذهبه منها: الوجودية مذهب إنساني، الوجود والعدم، الغثيان، الذباب، الباب المغلق.
- ومن رجالها كذلك: القس كبرييل مارسيل وهو يعتقد أنه لا تناقض بين الوجودية والنصرانية.
-كارل جاسبرز: فيلسوف ألماني.
-بسكال بليز: مفكر فرنسي.
-وفي روسيا: بيرد يائيف، شيسوف، سولوفييف.

الأفـــكار:
-يؤمنون إيماناً مطلقاً بالوجود الإِنساني ويتخذونه منطلقاً لكل فكرة.
-يعتقدون بأن الإِنسان أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدماً وأن وجود الإِنسان سابق لماهيته.
-يعتقدون بأن الأديان والنظريات الفلسفية التي سادت خلال القرون الوسطى والحديثة لم تحل مشكلة الإِنسان.
-يقولون: إنهم يعملون لإِعادة الاعتبار الكلي للإِنسان ومراعاة تفكيره الشخصي وحريته وغرائزه ومشاعره.
-يقولون بحرية الإِنسان المطلقة وأن له أن يثبت وجوده كما يشاء وبأي وجه يريد دون أن يقيده شيء.
-يقولون: إن على الإِنسان أن يطرح الماضي وينكر كل القيود دينية كانت أم اجتماعية أم فلسفية أم منطقية.
- لا يؤمنون بوجود قيم ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه إنما كل إنسان يفعل ما يريد وليس لأحد أن يفرض قيماً أو أخلاقاً معينة على الآخرين.

الجــذور الفــكرية والعقائـــدية:
-إن الوجودية جاءت ردة فعل على تسلط الكنيسة وتحكمها في الإِنسان بشكل متعسف باسم الدين.
-تأثرت بالعلمانية وغيرها من الحركات التي صاحبت النهضة الأوروبية ورفضت الدين والكنيسة.
-تأثرت بسقراط الذي وضع قاعدة (اعرف نفسك بنفسك).
-تأثروا بالرواقيين الذين فرضوا سيادة النفس.

يعتقد أصحاب الفلسفة الوجودية، أن الإنسان يسبق ماهيته أي أنه يوجد بلا ماهية ككائن حي ويكون وجوده على مبدأ حريته في الاختيار وتحمل مسئولية هذا الاختيار وهذا يؤدي إلى تحديد ماهيته، فمثلا بذور الشجرة هي التي تحددها كشجرة، وهذا يعني أن وجود الشجرة يرجع إلى وجود البذرة التي تحددها كشجرة، وهذا يعني أن وجود الشجرة يرجع إلى وجود البذرة التي تعطيها ماهية الشجرة وينطبق ذلك على الإنسان الذي باختياره يحدد ماهيته ولا شك أن عملية الاختيار تتطلب وجوده.

لذلك فان من أهم مبادئ الوجودية هو اختيار الإنسان لوجوده واختياره للشخصية التي يؤديها من خلال حرية الاختيار لأخذ قراراته. إن الفرد حر باختياره في الفلسفة الوجودية، غير انه مسؤول عن هذا الاختيار نحو نفسه ونحو غيره، فالاختيار يتضمن المسؤولية لأنه رغم أن الإنسان حر في اختياره إلا انه مقيد بمسؤولية هذا الاختيار.والإنسان عادة يتعرض لمواقف ذات اختيارات مختلفة، ففي اختياره تحديد لمصيره، ولنأخذ مثل الفنان في مفهوم الوجودية، انه حر وغير مقيد بالقيم الاجتماعية أو الثقافية، فهي ليست حتمية ولكنه مسؤول باختياره لتصرفاته، فتصرفه يحدد ماهيته وما إبداعه الفني إلا تمثيل لماهيته.

ليس من السهولة إعطاء تخليص عن مبدأ الوجودية لأنها ترفض أي عمل يطابق الحقيقة الموضوعية خارج الفرد. إن الوجودية ترفض الوجود الذي يعرف بأنه التجربة المباشرة التي يعيشها الفرد وتأخذ أولويتها فوق الماهية أو الأحكام المطلقة العقلية، ويهمنا أن يكون للفرد عزيمة ليختار من بين احتمالات عديدة من العقل ويرتبط بأفكار معينة تحدد فعله وإلا لا يعتبر ذاتا حقيقية. وكما قال نيتشة ((إن رأيي هو رأيي، والفرد الآخر لا حق له عليه )). ورغم الاختلاف بين الفلاسفة الوجوديين إلا أن هناك ما يجمعهم وهو منهجهم الذاتي للحقيقة ورفضهم للمنهج العقلي المادي أو الموضوعي. لذلك فان الاختلاف بينهم لا يرجع إلى المنهج بل إلى نوعية اهتماماتهم.

وترجع جذور الفلسفة الوجودية إلى سوروكين كيركبجار حيث نقد مبادئ فلسفة الظاهرات والتي تقول أن الماهية تسبق الوجود وأكد عكس ذلك بأن الوجود يسبق الماهية.وبهذا ظهرت بداية الفلسفة الوجودية التي انتشرت مبادئها في ألمانيا وفرنسا، ففي ألمانيا حمل لواءها كارل ياسبرز ومارتين هيديجر وفي فرنسا بدأت مع جبرائيل مارسيل وجان بول سارتر ثم ميرلوبونتي والبرت كامي وهناك كذالك مارتين بوبر وبول تيللي من اصل ألماني واتجاه لاهوتي.غير أن التفكير الوجودي يرجع إلى ابعد من كيركيجارد فنجد جذوره في فلسفة سقراط وأفلاطون.

وان الفلسفة الوجودية باتجاهها الميتافيزيقي هي فلسفة إنسانية تهتم بالإنسان ووجوده لإثبات فرديته وتحقيق حريته. إن الوجودية تتطلع إلى الجانب الفاضل بالإنسان. لقد أعطته حرية الاختيار وبنفس الوقت مسؤولية هذا الاختيار. إنها تنظر إلى الإنسان كذات وتهتم بهذه الذات وعلاقتها مع الغير، كما أنها تنظر إلى جانبه المؤلم وشعوره بالاغتراب ويأسه ضيقه. وما اليأس إلا نهاية حياة الإنسان في عدم ووجود العدم يدعو الإنسان إلى العمل لذلك فالمعرفة الوجودية هي معرفة الذات الحقيقية والشعور الذاتي هو أسمى أنواع المعرفة بنظر الوجودية، فهو أسمى من المعرفة العقلية أو الحسية.


الوضعية المنطقية
تهدف الفلسفة الوضعية المنطقية إلى تغيير اتجاه الفكر الفلسفي من تفكير ميتافيزيقي إلى تفكير علمي متأثرة بالمنهج الحسي وفلاسفته ومن أهمهم بيكون ولوك وهيوم، و في هذا هي معرفة علمية، وقد تطورت و أصبحت مقترنة بدائرة فيينا متأثرة بفلسفة فيتشجنتاين اللغوية، وقد حمل لواءها الفريد آير في انجلترا وأصبحت حركة فلسفية في القرن العشرين، ويرجع مصطلح الوضعية إلى أوجست كونت.

ومن أهم مبادئ الوضعية التحقق من صحة ما نبحث عنه، فالمعرفة يجب أن تثبت وتبرهن بملاحظات علمية و تبريرات حسية، وهذه أهم مقاييسها للوصول إلى الحقيقة فما لا يحس لا معنى له و ما لا معنى له لا حقيقة له. لقد ركزت الوضعية المنطقية على مشكلة المعنى وطورت مبدأ التبرير وهذا يعني أن شيئا يعتبر ذو معنى إذا كان مبررا بمنهج تبريري أي منهج علمي مما جعلها تستبعد الميتافيزيقا. لقد رفضت الوضعية المنطقية مقاييس التفكير الميتافيزيقي بالمعرفة و الذي قوامه المعرفة المتغيرة لا الثابتة، التجريبية لا المطلقة، الاستقرائية لا الاستنباطية، الجزئية لا الكلية، المبرهنة لا التأملية،

وهي معرفة مرتبطة بعالمنا المادي الواقعي الذي نعيش فيه.و في هذا تشترك الفلسفة الوضعية مع الفلسفة اللغوية في رفضها للميتافيزيقا كأداة للمعرفة وفي تأكيدها أن التفكير الميتافيزيقي لا يحمل معنى يشير إلى الصواب أو الخطأ والفلسفة يجب أن تركز على اليقين. لقد رفضت الوضعية خصائص التفكير الميتافيزيقي و منهجه العقلي وآثرت أن تسند معرفتها على التجربة لأن في التجربة برهان و تبرير و إثبات. وهكذا فإن الوضعية المنطقية ترفض أي قوة أو مضمون يذهب بإبعاده عن الحقائق أو القوانين العلمية. ويرى آير أن جميع الفروض التي لديها مضمون حقيقي هي فروض علمية و وظيفة
الفرض العلمي أن يمدنا بقانون للتنبؤ بالتجربة. أما إذا لم يتلاءم الفرض مع التجربة فليس له مضمون حقيقي و هذا ما يعنيه آير بمبدأ التبرير.


ويؤكد آير أننا يجب أن نبعد كل تفكير ميتافيزيقي وفلسفة تأملية ونقضي عليها وننظر إلى الفلسفة من وجهة علمية، فمن واجب الفيلسوف أن يختبر مدى صحة فرضياته العلمية ويبررها و يبين المقاييس التي يستعملها لكي يؤكد حقيقة الخطأ أو الصواب لأي فرض. وان تفضيل الفروض العلمية على الفروض الميتافيزيقية يرجع إلى أن الأولى أكثر تجربة، و أكثر دقة.كما أن تاريخ الفلسفة يشير إلى أن معظم الفلاسفة العظماء لم يكونوا ميتافيزيقيين بل تحليليين


التفكيكية
التفكيكية Deconstruction شرحها جاك دريدا من خلال ثلاثة كتب و هي ولدت على أنقاض ماتهشم من جدران البنيوية.
أي هي تالية لها زمناً. ولدت في فرنسا قبل 35 عاماً و لكنها هاجرت الآن إلى شواطئ أخرى. هي ليست فلسفة, بل نقد للفلسفة, للغة للأدب, و كان شعار دريدا "لاشيء خارج النص"

جاك دريدا يقول: أن النص نفسه قد يكون هو النص الأصلي القديم و لكن أهواء النفوس حرفت معناه, غالباً سبب ارتزاقي ديني, ملالي إيران, باباوات الغرب, حاخامات اليهود, و أيضاً قد يكون السبب سياسي.
دريدا يقول في كتابه ecriture مثلاُ أن النص هو النص و لكن معناه يتبع كلام قراءة صاحب النص.
و لا يمكن أن نتحدث عن ما بعد الحداثة من غير أن نمر على "جاك دريدا"بوصفه الأب الروحي للموقف التفكيكي (التشريحي) والعراب الذي يقف وراء طغيان هذا الموقف على الأوساط الفكرية ..
نحن لا نملك أن نعرف "التفكيكية" .. لأننا إذ نحاول ذلك فإننا نتحدى أهم مبادئها .. وهي إنكار التعريف النهائي .. أو المطلق ..

بؤرة "التفكيكية" تتركز في اعتبار الحقيقة مفهوم نسبي يعتمد على موقف المثقف وإطاره المعرفي الذي ينطلق منه .. المثقف الذي لن يكون محايدا أبدا .. مثله مثل "الكاهن" الذي يرى بنور الله .. أو البرجوازي الذي يرى بعيون الشيطان (المال) .. أو السياسي الذي لا يرى أصلا .. الكل يعتقد أن أحكامه ترتكز إلى مقدمات منطقية .. ومقنعة أيضا ..

كيف تعرّف مصطلحاً ؟
إنك وأنت تحاول أن تعرف أي مفهوم فإنك تلجأ إلى "تحريك" اللغة الساكنة وتستنجد بألفاظ لها روح "حيوية" تمكنك من إيصال الفكرة .. وهنا تكمن المشكلة ..
"تحريك" و "حيوية" .. تأمل هاتين الكلمتين .. إذن هناك حركة .. ونبض .. وقفز .. ونشاط .. هناك باختصار "لَعِب" .. وهناك لعبة .. نحن لا نتكلم باللغة .. وإنما نلعب بها..ولذلك فإن العلاقة بين اللغة والحقيقة ليست موجودة
..does not exist.. وحتى إن وجدت .. فإنها ليست محل ثقة .. لأن بنية اللغة هي في نهايتها تصور ثقافي متوارث .. وليست سوى ذلك .. هذا الموقف المتشكك -على بساطته- كان له دوي سياسي كبير.. فلفترة طويلة جدا .. كان هناك افتراض أن الفلسفة متلاحمة مع الأدب واللغة .. وأن العلاقة بين الكلمة ودلالاتها علاقة راسخة وموثوقة.

الكل يعتقد أن اللغة هي مرآة للطبيعة .. لكن هذا الافتراض عند دريدا وأتباعه ليس إلا وهما قد نذروا أنفسهم لاستئصاله .. إنها سكرة من سكرات الخداع حين نعتقد بأن للكلمة معنى "حقيقي" في هيكل الوجود ..أو أن لها (للكلمة) إيحاء حياديا .. ولذا فإن الفلسفة أو العلوم أو الروايات -عند ما بعد الحداثة - لم تعد تعبر عن العالم كما كان يعتقد .. حتى الروايات التاريخية "المعتمدة" هي عرضة للنقد والتساؤل .. ليس هذا وحسب .. بل إن من يعتقد صحة الروايات التاريخية يتهم بالثقة الساذجة بما سمي على سبيل التهكم "النصوص (الحقيقية) الصفراء" .. إن دريدا لا يخوض في البحث عن تفسير "صحيح" .. إنه يرى تفاسير مختلفة .. تناولتها الأيدي بالتزييف والتحريف ..
قد يكون التزييف بإضفاء هالة خارقة كَـأنَ يعبر عن النص بمرجعيته لإله مثلا.. أو باللجوء لمصطلحات مقبولة .. وفي نفس الوقت غامضة .. مثل "المنطق" ..أو "الإنسانية" .. وغالبا ما تنصب عملية التزييف هذه من أجل أن تحقق مرجعيةً تمارِسُ نوعا من التنظيم للخطاب الفكري والثقافي .. والأهم من ذلك تتولى هذه المرجعية ترسيخَ العلاقات بين الكلمة ودلالاتها بطريقة جامدة ..

علينا أن نتذكر أن دريدا لا يقول أن العلاقة بين الكلمة ودلالتها خطأ ..وإنما ينتقد أن يكون للكلمة دلالة معروفة .. وسبب ذلك أن الكلمة التي لها دلالة .. تتكئ في دلالتها على كلمات أخر ومفاهيم تعتمد النسبية ..
مثال ذلك .. أن تكون جنديا أمريكيا في العراق .. فلكي تزعم أنك منطقي .. ساع لتحقيق العدالة .. ومحب للسلام .. فلابد أن تفترض أن المقابل الذي تصوب له بندقيتك .. ملعون .. خبيث .. عدو للشعوب.. حتى وهو يتخبط في دمائه ..

)أثناء الحرب الكورية .. خرجت مجلة التايم الأمريكية بصورة لجندي أمريكي يدوس أحد الجنود الكوريين المحترقين بالغاز .. وقد كتب على الغلاف "وحوش" .. ترى من كانوا يقصدون بالوحوش ؟؟ .. ).
حسب رأي دريدا .. أن منهج التفكيك هو الوحيد الذي يكفل تقويض ثقتنا في الأشياء المألوفة سياسيا وأخلاقيا ومنطقيا .. وبما أننا مأسورون في قفص النظام اللغوي .. ولا فكاك من قبضته .. فالكلمات .. وما يتبعها من "معلومات" و"معرفة" و"حكمة" لابد أن تفسر من خلال ارتباطها بالأنظمة الفكرية والثقافية التي نبعت منها .. وبالتالي لا يمكن لها أن تعبر عن الحقيقة كما نرغب.. "الكلمة" هي مجرد شفرة حفرت دلالاتها في اللاوعي الإنساني .. والمعاني يذلك ليس لها وجود !

فقط أن ندرك أن الحقيقة شكل من أشكال الخيال .. وأننا لا نعيش الحقيقة بقدر ما نعيش داخل تصوراتنا لها .. القراءة -تصبح بهذا- نوعا من عدم القراءة .. والفهم ليس إلا سوء فهم ..
إذا اعتمدنا هذا التصور سنجد أن التراكمات الفكرية التي تمخضت عن نظم اجتماعية.. وهوية إنسانية.. وحضارة .. ومفردات كبيرة أخرى نشأت في الأصل "بترَكيب" بعضها فوق بعض بطريقة لا تقبل التبرير أبدا ..
طريقة "التركيب" -وحدها- هي التي أفرزت لنا هذه المفاهيم .. ولو تم تركيب الأفكار بطريقة أخرى لخرجت لنا نفس المفاهيم ولكن لتدل على معان أخرى مختلفة تماما .. قد يقول قائل .. كلا .. فلو تم تركيب الأفكار بطريقة أخرى لخرجت لنا مفاهيم "جديدة" ..

لكن "ما بعد الحداثة" تعتقد أن اللغة شحيحة وأن تكوينها سيقودنا دوما نحو نفس المفاهيم .. (وهذا ما يفسر احتفاء "ما بعد الحداثة" بعلم اللغويات وبنظريات تشومسكي التي أكد فيها أن اللغة والتخاطب لها قوانين كونية و (جينية) وليست كما يتصور الداروينيون .. الذين يريدون أن تكون اللغة مجرد تطور تلقائي للإنسان في رحلته الطويلة التي صارع فيها البقاء)
وجد أتباع دريدا أنفسهم بعد أن تغلغلت هذه الأفكار في نسيجهم الثقافي مدفوعين تلقائيا لصنع نظريات إعادة كتابة التاريخ و ما صاحبها من موت المؤلف ..

التاريخ أصبح مجرد رواية قيدت نفسها بالأساطير والقصص والخرافات والاستعارات .. فمصادر هذه الرواية في نظرهم -مهما كان حيادها وموضوعيتها- كانت منهمكة في صنع حبكة روائية من نصوص وأحداث متسلسلة ..
من حق كل مؤرخ أن يروي لنا قصته .. ويختمها بـ "تمت" .. وليس لأحد أن يطالبنا بعد ذلك أن نعد ما رواه لنا هو "القصة" .. حتى ولو كان هو (أو هي) يرمي إلى ذلك .. نعم ..ستكون لنا روايات بعدد المؤرخين .. وستتنافس فيما بينها .. ولأننا لا نملك العودة للماضي لاستكشاف الحقائق .. فلن يتبقى لنا إلا أن نتعايش مع الروايات المتصارعة بمبدأ النسبية .. حيث لا اعتقاد هو "أفضل" من اعتقاد آخر .."


البنيوية
البنيوية: مشتقة من الأصل اللاتيني (Stuere)وتعني الطريقة التي قام عليها مبنى ما من الناحية الفنية المعمارية وهذا المعنى قريبا جدا من أصل الكلمة في اللغة العربية و ضمن الإطار التقريبي بين اللغتين العربية واللاتينية صوره بعض اللغويين العرب على أنه الهيكل الذي يقوم عليه التشييد والتركيب من خلال ممارسات نقدية تتناول علوم كثيرة من ضمنها الأدب بفرعيه الشعر والنثر نأتي الآن إلى إشكالية التعريف بصورة مبسطة البنيوية وفق الاصطلاح كمنهج نقدي عام هي رؤية ذهنية للباحث أو الناقد تقوم على استبصار التصميم الداخلي للعمل ومن ثم تحليله وفق معطيات نظرية خاصة بكل علم وفن على حدا عن طريق اكتشاف علاقات هذا العمل توصلا إلى فهمه فهما دقيقا مثال إذا أخذنا البنيوية كمنهج نقدي للأدب لابد من التعريج على نظرية جاكوبسن مؤسس البنيوية اللغوية الحديثة فهو يرى أن كل حدث لغوي يتضمن رسالة وأربعة عناصر.
التفكيكية هي قراءة نقدية فلسفية مزدوجة للعمل من خلال نظامين النظام الأول يقوم على تتبع الأساليب التعبيرية للكاتب التي تقوم عليها أفكاره النظام الثاني يقوم بتحليل دقيق للكلمات التي استخدمت للتعبير عن تلك الأفكار وفق أبعاد فلسفية تكشف لنا معطيات نفسية و مركبات فكرية لصاحب العمل وهي تشكل هجوم على الكتاب لأنها تكشف ما بتفكيرهم من تناقض مع أنفسهم نتيجة تناولهم لقضايا معينة




3 Comments:

Blogger gigo said...

الكلام تقيل قوى يا أبلة وعاوز تركيز وفهم وحفظ

درس آخر فى العلوم الفلسفية النيرفانية

ممكن أعرف انت ازاى عرفتى وفهمتى وحفظتى الحاجات دى ... انا مش بحسد ولا حاجة

على العموم ما شاء الله عليك

جلال الرفاعى
اللى بيحاول يفهم

2:51 AM  
Blogger مجدى الجبالى said...

طبعا إنت مشكورة على الجهد الجبار ده
ولكن ليه ملاحظة أرجو تقبلها لو كان النص منقول فياريت تحددى المصدر و هذا لن يقلل من إعجابنا بشخصيتك المثقفة الواعية أما و إن كان من بنات أفكارك يا ريت التخفيف فى الالفاظ الغير فلسفية حيث الألفاظ الفلسفية بها من التعقيد ما يكفى على سبيل المثال فى موضوع مهمة الأنا وجدت صعوبة فى بعض الكلمات وللاسف ليست من صلب الموضوع مثل :الأتى

الواقع تحت ضغط الهو و (الرازح تحت نير) اضطهاد الأنا الأعلى

فان الأنا الأعلى القاسي (ما يفتأ) يراقبه ويرصد حركاته

طبعا أنا لا ألومك لان فاهم إن كل لفظ فى اللغة العربية لا يطابقه لفظ اخر فى المعنى مطابقة كامله و لكن تخفيفا على القراء كان من الممكن تحاشى ألفاظ مثل ما يفتا و الرازح و نير

هذا إن كان الموضوع من إبداعك أما إن كان من منقولك فطلب التخفيف فى الالفاظ طلب شاق أخجل فى طلبه رغم إحتياجنا الشديد إليه

هذا إن لم يكن التعقيد اللغوى مقصود بغرض إنتقاء القراء أو بالعاميه (بترقى زبونها)أسف للإطالة
و شكرا

3:28 AM  
Blogger مجدى الجبالى said...

نسيت اساسا إنى كنت عايز اكتب التعليق علشان أطلب منك أى كتب إلكترونية للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر لانى كنت عايز أكتب مقال عنوانه هل انا موجود ففهمت من كلماتك إن ممكن كتب هذا الرجل تفيدنى و طبعا لو كنت شايفة حد أفضل منه يا ريت تساعدينى أكون شاكر جدا وانا كنت بعت لكى إيميل بالمعنى ده أعتقد إنه لم يصل أو لم تقرأيه بعد و كنت باعت لكى فيه عنوان الموضوع و هو
http://earsofgold.blogspot.com/2007/06/blog-post_08.html
أرجو قرائته و إبداء الرائ فراء من له خبرة أهم من مساعدة ألف صديق

و أخيرا أشكرك تانى على هذا المجهود الرائع

3:40 AM  

Post a Comment

Subscribe to Post Comments [Atom]

<< Home